نحو وعي صحيح
أي إسلام تريدون يا
أمتنا
إلـى الأمـة المسلمـة،
إلى الأمة العربية: أي إسلام تريدون؟ أتريدون الإسلام المستأنس، أم إسلام الخوارج ،
أم إسلام الكتاب والسنة ؟
لأن الإسلام من عـنـد
الله الذي لا يحابي أحداً ، ولا تكريم عنده إلا للتقي ، ولأن التقوى منزلة عزيزة المطلب
ولأن حب التسلط من طبع البشر ولا يتخلص إلا القليل منهم من نوازع نفسه وحب ذاته؛ ولأن
الآيـة والحـديـث سـيـف في يد قائلهما ؛ لكل ذلك لا بد للسلطان الذي يحكم الهوى أن
يستأنس إسلاماً يسانده في سلطانه ويحقق منافعه ويستخدمه سلاحاً ضد أعدائه . وعملية
استئناس الإسلام عملية قـديـمـة قـدم الانحـــراف عن منهج الكتاب والسنة، وستستمر ما
بقي سلطان في الأرض يحكم بالإسلام اسماً، وبالقرآن رسماً وبالمصالح والأهواء عملاً
وواقعاً .
والمستفيدون من ذلك
يرون لـــزامــاً عليهم أن يقربوا رجالاً يتزينون بزي الدين فينطقونهم حيث يردون ويسكتونهم
حيث يشاؤون ، ويضع هؤلاء لهم من الفتاوى ما يناسب أذواقهم وأهواءهم ، ويفصلون لهم من
الدين أثواباً على قياسهم ، ولذلك فالاسلام المستأنس إسلام عجيب ، إذا كان السلطان
يطبق النظام الشيوعي كان الإسلام المستأنس شيوعياً وكذلك إذا كان اشتراكياً لا ترى
ولا تسمع إلا الأحاديث التي تشيد بالمساواة وآيات الإنفاق ، وإذا كان السلطان يطبق
النظام الرأسمالي بكل احتكاراته وظلمه وغشمه لا تسمع إلا: "إن دماءكم وأموالكم
عليكم حرام" .
واليوم حيث تتشابك السبل
وتشتبه النصوص وتقل المعرفة ويستأنس علماء الإسلام بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى ،
ويصنع لكل سلطان في كل بلد جبة إسلامية تناسبه في الشكل والموضوع يخرج فكر الخـوارج
مــــــن معاقله فنسمع عن جماعات التكفير والهجرة وعلى شاكلتها .
وإسلام الكتاب والسنة
ليس هذا ولا ذاك ، إنه إسلام مهتد ينطق بالحق ولا يبرر الواقع ، ويصدع بالنص كما يريده
الله ورسوله ، ولا يلوي عنقه ليوافق أهواء الناس . إسلام الكتاب والسنة هو الإسلام
الكامل الذي أنزله الله لا يجامل أحداً ، ولا يستغله أحد ، يقوم عليه علماء نذروا أنفسهم
لله وتواضعوا له فرفعهم وأخلصوا نياتهم فأشرقت قلوبهم بنور الوحي فعرفوا طريقهم وعظموا
الله فــذل كل جبار في أعينهم ، وتواصوا بالمرحمة فعلموا الجاهل وأرشدوا الحائر وصبروا
على إساءة الظالم طمعاً في هداية الخلق ورغبة في ثواب الخالق ، فأي إسلام تريدون يا
أمتنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق