الأحد، 15 يوليو 2018

حاجة العالم إلي الاسلام


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله r . وبعد :

مما لا شك فيه أن الحياة لا تصلح إلا بالإسلام ، وتلك قضية تلازم الوجود الإنساني عبر تاريخه الطويل علي هذه الأرض ، وصدقُ هذه القضية ، يصحبها دائماً ، ويعلن في نفسه في اعتزاز وثقة ، في كل عصر ، وفي كل جيل ، ذلك أن الإسلام وإن كان تاريخ ميلاده قد بدأ ببعثة محمد r ، إلا أن مبادئه عاشت في ضمير الإنسانية منذ القدم ، ونادي بها رسل الله جميعاً ، لم يختلف في ذلك رسول ولا نبي عن سابقه أو لاحقه : ] وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ ، ] شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [ .

إنها النشأة الضاربة في أعماق الزمن ، تعلن عن وحدة المصدر ، ووحدة المنهج ووحدة الغاية ، التي  تستهدف صنع الإنسان علي مثال تستقيم به الحياة ، وتأخذ بقيادته سبرها الآمن ، وقرارها المطمئن .. فمتي يدرك الناس ، أن الإسلام ضرورة ، لا غني للإنسانية عنه ؟

إن في الإسلام قيماً حضارية متجددة ، تَنْبَعُ من القرآن والسنة وتصب في نهر الحياة ، لتمنحها انبل زاد ، واكرم عطاء من الأخلاق الفاضلة ، ومن خصائص الأخلاق الإسلامية ، أنها تتسم بالثبات والأصالة ، والشمول ، وتصاحب سلوك المؤمن في سلمه وحربه ، في عسره ويسره ، يتعامل بها مع أعدائه وأصدقاءه ، مع الأباعد والأقارب ، في داخل بلاده وخارجها ، لأنها موصولة بالله ، وهو رب الناس ، وهو فوق الزمان والمكان .

إن حضارة الإسلام لا تقاس بحضارة سواه ، فالحضارة المعاصرة التي خلقها الغرب ، قامت علي اساس الفلسفة اليونانية المادية ، التي تتجه أول ما تتجه إلي الابتعاد عن الدين ، وفصله عن الحياة .

فهي حضارة جافة ، لا مجال فيها لإشراق البصيرة ، وشفافية الروح ، لأنها تنسلخ عن الله ، وتضع زمامها في يد الشيطان !

والإسلام دين واقعي ، أدرك حاجة الإنسان إلي الرقي المادي والروحي في وقت واحد فجمع بينهما في توافق وانسجام .

وحضارة الإسلام تنطلق في كل مجال ، وتأخذ مكانها في عالم الواقع لا في أوهام الفلاسفة وخيالات المشرعين ولذلك كانت مثلاً رائعاً للحضارات علي مدي التاريخ .

ففي مجال الحياة الفردية تحفظ علي الإنسان كرامته ، وتعطيه حقه في الحرية وحرية الإسلام بميزان لا تضيق حتي تَشِلَّ الحركة وتقتل المواهب ، ولا تتسع حتي تفرط علي الناس وتطغي .

وفي مجال الحياة الاجتماعية تكافل ومواساة ، وأداء للأمانة وحكم بين الناس بالعدل .

وفي ميدان الإنسانية عامة يعلن الإسلام أن البشر جميعاً من آدم وآدم من تراب واكرم الناس عند الله أتقاهم .

ومن هنا فاضت الحضارة الإسلامية بخيرها علي العالم أجمع ، سواء منهم من دخل الإسلام ومن اعرض عنه .
وفي ميدان العلم يغالي الإسلام بقيمته ، ويبني صرحه علي أساسين : إيماني ـ تجريبي ، أما الإيماني فمصدره الوحي ، وموقف المسلم منه القبول والتسليم ، وأما العلم التجريبي فبابه مفتوح امام النظر والتفكر في خلق السموات والأرض والتجارب العملية . والإسلام هو الذي عرف العالم المناهج التجريبية فخطي خطوات واسعة في مجال الإبداع والاختراع ، ولكن العلم في الإسلام مقرون باسم رب الوجود فقال تعالي : } اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ { ومن هنا جاء علماً نافعاً يبني ولا يهدم ، ويعمِّر ولا يدمِّر يَسْكُبُ في النفس الطمأنينة ويخلصها من دواعي القلق والخوف ، ومما يشهد بعظمة الإسلام شهادات المؤرخين من غير المسلمين التي تشيد بحضارة الإسلام وفضل المسلمين علي العالم فمنهم من قال : لم يفتح الإسلام العالم ولكن غزاه بحضارته . ومن قال : إن للحضارة الإسلامية تأثيراً عظيماً في العالم وإن أوروبا مدينة بحضارة العرب المسلمين فما أحوج عالمنا اليوم إلي أن يظلهُ الإسلام ويبني علي أساسه حضارته الجديدة  } وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { .  
كتبه د أيمن عبد العظيم          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المَلَل من كَواذب الأخلاق

جاء في "صحيح ابن حبان" عن عـائـشـة -رضي الله عنها- تصف خلقاً من أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم-   قالت :"كــان عـمـلـه...