ولولا رهطك لرجمناك
من المبادئ الأساسية في الدعوة الإسلامية التعاون والتناصر بين المؤمنين
، وتـطـبـيـق مـبدأ الأخـــوة تطبيقاً عملياً ، والابتعاد عن خلق التفاخر الجاهلي بالأنساب
والقبائل ، هذا هو الأصل ولـكــن قـد تأتـى الـنـصـرة والـمساعدة الفردية من القريب
أو العشيرة أو من صديق الدراسة، لا من قبيل التدين والأخوة الإسلامية ، ولكن عصبية
نسبية ، وأريحية ونخوة، فهل يرفض المسلم هذا التأييد، خاصة إذا كان في مرحلة الضعف
، مـع أنه لا يتنازل عن شيء من دينه أو عقيدته ، ولا هم يساومونه أو يطلبون منه المداهنة.
إن بـعـضـاً من الشباب المـسلم ولحساسية هذا الموضوع ، ولقلة فقههم فـي
أصـول الـدعــوة يرفضون مـثــل هــذه الـمساعدة والتأييد ، ولكنهم لو تدبروا القرآن
لوجدوا أنه ذكر قصص الأنبياء وكيف امتنعوا بأقـوامـهـم أو قبائلهم عصبية من أذى الكفار
، قال تعالى حاكياً عن شعيب عليه السلام وقومه: ((قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ
كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وإنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً ولَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ
ومَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)) [ هود:91].
فهذه الآية تنبئنا أن الكفار لم يستطيعوا الوصول إلى شعيب بالأذى ، خوفاً
من قبيلته.
وكذلك ذكر تعالى في صالح وقـومـــه:((قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ
وأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وإنَّا
لَصَادِقُونَ)) [ النمل:49 ] فهم يخافون من أولياء صالح عليه السلام (عشيرته الأقربين)
ولو فعلوا به سوءاً لفعلوه سراً ، ولحلفوا لهم أنهم ما فعلوا شيئاً ، وقال تعالى مخاطباً
نبينا عليه الصلاة والسلام: ((ألم يجدك يتيما فآوى)) أي آواك إلى عمك أبي طالب ، قال
الشيخ الشنقيطي معلقاً على هذه الآيات:(وهو دليل على أن المتمسك بدينه قد يعينه الله
ويعزه بنصرة قريبه الكافر ، ولهذا لما كان نبي الله لوط عليه السلام ليس له عـصـبـة
ظـهـر هـذا فـيـهـم لقوله تعالى:((قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى
رُكْنٍ شَدِيدٍ))
[ هود:80] ولما ناصر بنو الـمـطـلب بن عبد مـنـاف بنى هاشم ولم يناصرهم
بنو عبد شمس عرف النبي -صلى الله عليه وسلم- لبنى المطـلـب تلك المناصرة التي هي عصبية
النسب ، لا صلة لها بالدين فأعطاهم من خـمـس الـغـنـيـمة مع بنى هاشم وقال: »إنا وبنى
المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام« ومنع بني عبد شـمـس وبـنـي نـوفـل مع أن الجميع
أولاد عبد مناف((أضواء البيان 3/41).
هناك فرق بين الموالاة والمداهنة ، وبين أن يعرض قريب أو صديق خدماته ومساعدته
لمسلم ويستفيد المسلم من هذا لدفع ظـلـم أو تخفـيـف ضرر ، ويبقى الأصل هو عدم موالاة
الكفار وزجر أهل الفسوق والبدع ، وكل هذا يحتاج لفقه في الدعوة واستقامة على الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق