الأحد، 15 يوليو 2018

وحدة الصف ووحدة المنهج



وحدة الصف ووحدة المنهج

إذا كانت وحدة العمل الإسلامي مـن الـمـطـالـب الـمـلحة عند كثير من الدعاة الذين بدأوا يتحسسون مواطن الخلل ومواطن القوة عند المسلمين ، وإذا كــان هــذا المطلب مما يأمر به الدين ويحث عليه لأنه من التعاون على البر والتقوى ، فإنه يزداد إلحاحاً  في هذه الأيام التي تجري فيها تغيرات في العالم لم تكن بالحسبان ولم يتوقعها أحــد ؛ انهـيــارات فـي الكـتل الشرقية ، وانحسار للشيوعية ، وتقارب بين الغرب والشرق ، والمستفيد حتى الآن هو الـغـرب الـرأسمـالـي الليبرالي ، وقدمت روسيا تنازلات كثيرة في سبيل التقرب من هذا الغرب ، الذي يمتلك التقـنـيـة والمال والسيطرة السياسية ، فمن يقف في وجه هذا التكتل على الأقل من الناحية الحضارية والـعـقـائـديـة ؟ مَن من شعوب العالم الثالث يملك هوية واضحة ، ومنهجاً متكاملاً ؟ لا يوجد سوى الإســـلام ، ومــن الـمفترض أن يقود الشعوب الإسلامية العلماء والدعاة ، وإذا كانوا غير مؤهلين لذلك ولم يستطيعوا الجلوس على مائدة الحوار والتعاون فلمن تترك الساحة ؟

كنت أحاضر في أحد المراكز الإسلامية عن واقع الإسلام اليوم وما يحــدث فـي أوربـا هذه الأيام ، وعـنـدمـا جــاء دور الأسـئـلـة أو الـمـناقشة علق أحد الحضور (وأظنه من العمال المتعلمين) قائلاً : »الدنيا سائرة وإذا كنتم تريدون أن يكون للإسلام حضور فيجب أن تبدأوا وتسرعوا ، وإلا فالناس لا ينتظرونكم طويلاً  ...« وعجبت من نظرته الواقعية وتذكرت رأي ابن خلدون في أن العوام الذين يملكون الفطرة السليمة والتجربة العملية عندهم القدرة على معرفة الواقع ، وخاصة الواقع السياسي أكثر مــن أصحاب التنظـيـر المجــرد الغارقين في الثقافة الذهنية الباردة ، وتذكرت قول صديق أرسل لي رسالة قال فيها : »إذا كان المطل (1) ممكناً  في الأسلاف المستحقة مالياً  فهو متعذر في الاستحقاقات الحضارية« .

وعندما نتكلم عن وحدة الصف ووحـدة العمل الإسلامى فإنما نعني تجمع أصحاب المنهج الواحد ، منهج خير القرون ولـيـس تجمعاً يرضي الجميع مع التساهل في شيء من شريعة الله ، فهذه من مداخل الشيطان التي ظاهرها الخير وتأليف القلوب ، وباطنها تجمع هش لا يصمد في وجه التحديات الداخلية والخارجية .

إن هؤلاء الكفار يمكرون في الليل والـنـهار ولا يملون من كثرة الاجتماعات وكثرة المناقشات وتقليب وجهات النظر للاستقرار على أمر يريدونه .

أيـطـلـب أهل الباطل أمرهم بجد ونحن نـطـلـبـه ببطء وتراخ ؟ وينطبق علينا قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : »اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز المؤمن« .

الهوامش:

(1) المماطلة
كتبه د أيمن عبد العظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المَلَل من كَواذب الأخلاق

جاء في "صحيح ابن حبان" عن عـائـشـة -رضي الله عنها- تصف خلقاً من أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم-   قالت :"كــان عـمـلـه...